قصة عجيبة ومفاجأة كبيرة مكانها عرصات القيامة وقتها عند وزن الأعمال صاحبها رجل من السابقين إلى الخيرات تذكر و هو في العرصات ما كان يعمل في الدنيا من الصالحات فتهللت أسارير وجهه و أخذ يستعرض ماضيه : أنا من المحافظين على الصلوات ومن المنفقين و المتصدقين وفدت إلى بيت الله مراراً ما بين حجة وعمرة لساني يلهج بالذكر فسُبحتي لا تفارق أناملي حسناتي كثيرة و كفت ميزاني راجحة .
نظر إلى سجلات أعماله و هي توزن فإذا هي كالجبال فازداد استبشاراً وفرحاً و تهللاً ، لم يطل تهلله حتى انقلب ذلك الفرح إلى عبوس و خوف و هلع و ذعر فالوجه يعلوه القتر و أعضاؤه لا تكاد تحمله فجثى على ركبتيه من شدة الهول ، إنها الفاجعة لقد أبصر كل تلك الحسنات تتطاير أمام ناظريه لقد تحولت إلى هباء منثور فلم يبقى في كفة ميزانه شيء أخذ في الصياح و العويل يدعو بالويل و الثبور ينادي بأعلى صوته أين صلاتي ؟ أين زكاتي ؟ أين حجي و عمرتي ؟ أين ذكري و تسبيحي ؟ يا حسرتي يا شقوتي يا ويلي يا ثبوري لماذا تبددت حسناتي ؟
و فجأة يأتيه الرد كالصاعقة {لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً وَاحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً }الفرقان14
نعم ذهبت لأنها لا أساس لها أشبه ببناء شامخ أبدع صاحبه في بنائه و تشيده و عني بألوانه و زخرفته يعجب الناظرين و يأسر الزائرين لكنه دون أساس أتت عليه ريح عاصف فسوته بالأرض .
فأعمالك أشبه ما تكون بهذا البيت لخلوها من أساس قبول الأعمال ألا و هو توحيد الله و الإخلاص له : { فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً }الكهف110
أسأل الله بمنه و كرمه أن يرزقنا توحيده و حبه و الإنابة إليه و يجنبنا الشرك ما ظهر منه و ما بطن و أن يتوفانا مسلمين و يلحقنا بالصالحين .