الحمد لله العظيم في قدره العزيز في قهره ..
نحمده على القضاء حلوه ومره ..
لا إله إلا هو مالك الملك ..
يؤتي الملك من يشاء ..
وينزع الملك ممن يشاء ..
ويعز من يشاء ..
ويذل من يشاء ..
كل ملوك الأرض عبيد عند الله ولا يملكون شبراً من أرضه لولاه ..
وكل أغنياء الأرض فقراء عند الله حفاة عراة لا يجدوا ما يأكلون ولا ما يشربون لو لم يكسهم ويطعمهم الله ..
وكل أقوياء الأرض والسماء ضعفاء عند الله ..
وما حرّك مفاصلي ومفاصلكم ومفاصلهم إلّاه ..
الملك من ولّاه !!..
والغني من أغناه !!..
والقوي من قوَّاه !!..
والعاصي على عصيانه من يحلم عليه وهو قادر عليه من يراه ..
سبحانه لا ربَّ يُعبد ولا ربَّ يُخشى سواه ..
ما أعظمه ، وما أحلمه ..
عصاه العاصي ؛ فرآه ؛ ثم أمهله ؛ ثم عصاه ..
ستر عليه ؛ فعصاه ..
استصلحه ؛ فعصاه ..
ضيَّق عليه ؛ وعصاه ..
أغدق عليه من النعم ؛ فعصاه ..
ثم بلا موعد ..
ثم بلا موعد ..
أخذه فلم ينفعه تحت الأرض دعاه ولا بكاه ..
{ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ } ..
رأيت ما لم يره الكثير منكم ..
وقفت أنا ومَلَك من ملائكة السماء ..
خُلق من نور يا من خُلقنا من تراب ونسينا ..
ما عصى الله قط ..
يا من حُمّلنا جبال الذنوب على عواتقنا ونسينا ؛ إلا من رحم الله ..
وقفت أنا وملك الموت في نفس التوقيت ، ونفس المكان ؛ في المستشفى ؛ وخارجها إلى هذا اليوم ( 24 ) مرة ..( 24 ) مرة ..
ليس هذا بغريب أن أقف أنا وملك الموت وأرى إنسان يحتضر أو إنسانة ( 24 ) مرة ..
هذا ليس غريب ..
{ وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ ، كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ } ..
فالجميع سيرحل ..
والجميع بعدها سوف يُسأل ..
{ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ، وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ } ..
أما قال ربنا عز وجلّ : { إِنَّكَ مَيِّتٌ } لمحمد عليه الصلاة والسلام وهو حي يمشي فمات ..
{ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ} ..
فهذا ليس بغريب ..
إذاً ما الغريب !!..
الغريب ..ما خُتمت من هذه الصحائف بلا إله إلا الله إلا صحيفة ..
صحيفة واحدة هي التي ختمت بلا إله إلا الله ..
لا تجرب الآن ..
أخي لا تجرب الآن ..
تستطيع أن تقول مليون مرة لا إله إلا الله ..
الموعد أخي ليس الآن ..
الموعد { كَلَّا إِذَا بَلَغَتْ التَّرَاقِيَ ، وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ ، وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ } ..
أخي ..أختي ..
سوف تذكرون هذا الكلام ولكن على أي حال !!..
هذه إحداهن كانت في المستشفى تتحدث ؛ تتحرك ..
آخر من كشف عليها أنا حين نزعت السماعة من أذني ..
إذا بها تقول بالحرف الواحد : الله يعافيكم شلون التحاليل ؟!..ترى والله ملينا من ذا المستشفى ؛ متى نطلع ؟..
فأرسلنا تحاليلها إلى المختبر في الأرض ..
وأرسل من في السماء {مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ }رسولاً لا يعصي له أمراً ..
ما هي إلا لحظات ..
العينة تُفحص تحت المختبر ..
وملك الموت عندها في الغرفة ..
لحظات ..
وأنا أُقلب في ملفها خارج الغرفة ..
إذا بالممرضة تأتي بسرعة فزعة ..
قالت : تعال شف ..
فلما دخلت الغرفة ..
رأيت فتاة غير التي رأيت ..
التي رأيت قبل قليل تحرك اليدين وتقول ملينا ، ومتى بنطلع ..
هذه الأيادي التي أُرسلت ، ثم أُقبضت والله ما رأيتها إلا تعطلت ..
اللون شاحب ..
والبصر خاشع شاخص ..
الأطراف ممدة ..
والشفاه ترتعش ..
نظرة سريعة لجهاز المراقبة إذا بنبضات القلب كانت 80 – 62 – 45 ..
ضغط الدم ينزل ..
بدأت أرى معالم الفراق على وجهها ..
خشيت أن تُغلق الصحيفة بغير لا إله إلا الله ..
كما أغلقت الصحف من قبلها ..
( 24 ) حالة _ والذي نفسي بيده _ ما قال لا إله إلا الله إلا واحد ..
لا تستغرب الآن ولا تجرب ..
تستطيع الآن أن تقول مليون مرة ..
الموعد ما هو الآن ..
فأسرعت قلت : لا إله إلا الله ..
وإذا بالشفاه ترتعش كأنَّ عليها جبل لا تتزحزح ..ترتعش بلا أحرف ..
كررتها الثانية ..
الثالثة ..
ما بقي إلا عدة نبضات